آداب فيلادلفيا وجمعية النقاد تكرّمان الروائي المتميّز جلال برجس الفائز بالبوكر العربية
كرّمت كلية الآداب والفنون بجامعة فيلادلفيا الروائي المتميز جلال برجس بمناسبة فوز روايته (دفاتر الطوفان) بالجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2021، وأقيم الاحتفال الذي شاركت فيه جمعية النقاد الأردنيين والمؤسسة العربية للدراسات والنشر برعاية أ.د.معتز الشيخ سالم رئيس الجامعة، الذي هنأ الأديب برجس بهذه الجائزة، وأكد على أهمية رعاية الأدب والإبداع الثقافي والفني والعلمي، ذلك أن المبدعين هم طليعة مجتمعهم وأصحاب الأفكار الإبداعية والرائدة فيه. وتسلم جلال برجس درع الإبداع والتميز من جامعة فيلادلفيا وجمعية النقاد تقديرا له على الإنجاز الإبداعي المتفوق الذي حققه على مستوى الأدب الروائي في الأردن والعالم العربي.
وقد ألقى الناشر ماهر الكيالي كلمة خاصة في المناسبة أشار فيها إلى اعتزاز المؤسسة العربية للدراسات والنشر بدور جامعة فيلادلفيا ممثلة في كلية الآداب والفنون في الاهتمام بالحركة الأدبية الأردنية والعربية، وفي تمتين الصلات بين الجامعة ومحيطها الثقافي والإبداعي. كما عبر عن اعتزاز المؤسسة العربية بالكاتب جلال برجس الذي انضم إلى كوكبة مميزة من المؤلفين والروائيين الكبار الذين تبنت المؤسسة نشر أعمالهم وتوزيعها منذ سنوات طويلة.
وأشار رئيس جمعية النقاد الأردنيين د. زهير توفيق في كلمته إلى أن هذا التكريم يأتي باكورة لشراكة الجمعية مع جامعة فيلادلفيا وهي شراكة نوعية تسعى للارتقاء بمحتوى اللقاءات النقدية المتخصصة والثقافية الهادفة ، وبخصوص موضوع اللقاء أشاد د. زهير بالجهد العظيم الذي حققته الرواية الأردنية بفوز أحد أعمدتها وروادها بجائزة البوكر العربية ٢٠٢١ عن روايته المميزة (دفاتر الوراق) الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وألمح إلى أن جمعية النقاد بصدد عقد ندوة نقدية موسّعة في الفترة القادمة للاحتفاء بالرواية وكاتبها.
وقدّم الناقد د.محمد عبيد الله، عميد كلية الآداب والفنون، ورقة نقدية حول الرواية الفائزة، مبينا أهم العناصر الرؤيوية والفنية التي أهلتها للتقدم على غيرها من الروايات المتميزة. وذهب إلى أن رواية (دفاتر الوراق) تقوم على محاورة صلة الرواية بالمدينة المعاصرة، وتؤكّد في مجمل طرحها وطريقة معالجتها أن الرواية جنس أدبي يمتلك قدرة فائقة على تناول العالم المديني المعقّد، وعلى إمكانية تقديم قراءات متعددة في مكونات هذا العالم وفيما يخبئه من بلاغة المهمَّش والمسكوت عنه. وأكد أن القضية الكبرى في هذه الرواية تتمثل في كشفها عن عالم مدينة عمّان، مثالا للمدينة العربية الحديثة، من منظور نقدي وليس وصفيا أو مجاملا. ورأى أن الرواية استكشفت بعض أسباب التشوه والتمزق الذي أصاب المدينة العربية على الصعيد الإنساني والاجتماعي، فيما ظاهرها الاقتصادي والتكنولوجي والمعماري يوحي بالتقدّم والتوسع والتطور.
وتناول د.محمد عبيد الله في ورقته تشكيل رواية دفاتر الوراق: بناء، ولغة، وتقنية، وتركيبا، وحبكات. ووقف عند الظواهر الفنية الأساسية فيها من مثل: سمة "التعدد الصوتي"، التي تعد من أهم عناصر الرواية بعامة، وتناول صلة دفاتر الوراق بالروايات العالمية والعربية السابقة التي تشكل بمجموعها ثقافة نوعية للرواية. وأبرزت الورقة النقدية بلاغة القطاع المهمّش الذي تناولته الرواية، كما نبّه إلى حبكات التشويق والمتعة الروائية التي اشتغلت عليها الرواية بذكاء ومكر إبداعيين، فمزجت بين تقنيات الحبكات البوليسية وتقنيات الاستباق والإرجاء وسائر العناصر التي تنشئ أفق انتظار يشد القارئ. كما لاحظ د.عبيد الله استفادة الرواية من الثقافة الرقمية وتوظيف مكتبساتها في سلوك الشخصيات وأدائها ولغتها، وخصوصا عند إبراهيم الوراق الشخصية الرئيسة.
ورأى د.عبيد الله أن الرواية قدمت مساحة رحبة للتحليل النفسي من خلال تعميق رسم الشخصيات، ووضعها في إطار الأمراض النفسية كالاكتئاب والوسواس القهري وانفصام الشخصية، والميل إلى ارتكاب الجريمة، وإلى الإقدام على الانتحار، وكلها أحوال مهمة ترتبط بانعكاسات الواقع وتمزيقه لنفسيات الشخصية الإنسانية المعاصرة.
وألقى الروائي المكرّم جلال برجس كلمة ختامية اللقاء شكر فيها كلية الآداب والفنون وجمعية النقاد الأردنيين والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، كما أضاء فيها جانبا من الجهد الذي بذله في هذه الرواية وما سبقها، وجاء في كلمته على تفاعله مع اهتمام المرحوم الروائي إلياس فركوح باللغة الروائية والصنعة السردية، ذلك أن الكتابة الإبداعية تحتاج إلى إحكام وإتقان لا يتأتيان بيسر أو سهولة. كما عبّر عن تفاعله مع طروحات الناقد د.محمد عبيد الله، وأنه تحاور معه ومع بعض كتبه، وأفاد من تقديره لتجربة نجيب محفوظ بوصفه أبا وجدا للروائيين المعاصرين، إلى جانب الحوار المتجدد حول علاقة الرواية بالمدينة وأهمية ظاهرة التعدد الصوتي في الرواية، داعيا الكتاب والروائيين إلى الإفادة من النقد الجاد، فمن الضروري أن يمتلك الروائي وعيا بعمله وبإبداعه ذلك أن فكرة الإلهام ذهبت إلى غير رجعة.
حضر اللقاء وجاهيا من أعضاء جمعية النقاد الأردنيين: زهير توفيق، د.نضال الشمالي، د.دلال عنبتاوي، ومن قسم اللغة العربية بجامعة فيلادلفيا: د.يوسف ربابعة، د.عمر الكفاوين، د.نداء مشعل. وتابع حفل التكريم جمهور واسع من الطلبة والمهتمين عبر وسائل التواصل.